مركز الإمام مالك الإلكتروني ( الفقه المالكي ) مركز الإمام مالك الإلكتروني ( الفقه المالكي )
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

فتوى : حكم مطالبة المكتري بالتعويض عند الإفراغ من المحل.



حكم مطالبة المكتري بالتعويض عند الإفراغ من المحل

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه ورشده.
أما بعد؛ فقد سألني الأخ الفاضل من الدار البيضاء (Rawi Akram) وهذا نص السؤال:

"شيخنا الفاضل سلام الله عليكم أسعد الله صباحكم؛ لدي سؤال وهو: أن الإنسان إذا اكترى منزلا مثلا ويؤدي أجرة الكراء شهريا باستمرار ومن غير تأخير، وبعد مدة طويلة (خمسة عشر عاما مثلا) جاء صاحب المنزل وطلب من المكتري الخروج من المنزل، هنا المكتري لا شك في وضعية صعبة إلى أين سيرحل لديه زوجة وأولاد؟ هنا السؤال: هل لديه الحق شرعا في إخراجه قسرا؟ وهل ما يؤخذ من المكري من التعويض يقول له مثلا: إذا أردت أن أخرج أعطني مبلغا من المال؟ أعني: هل ما يأخذ منه حلال؟ وشكرا"

فأجبته بما يلي:
يشتمل هذا السؤال على مسألتين: حكم إخراج المكتري قسرا، وحكم ما يأخذ المكتري من التعويض عند الإفراغ.
وقبل الجواب لا بد من التنبيه على أن ما جرى به العرف هو من الأدلة الشرعية التي يعتمدها الفقهاء في الإفتاء، والعرف شرع إذا لم يخالف النص الشرعي؛ وفي هذه المسألة لا بد من الرجوع للقانون المنظم؛ إذ القانون هو العرف ما لم يخالف الشرع؛ وبناء عليه أقول:
المسألة الأولى: إخراج المكترى من المنزل قسرا وهو يؤدي أجرة الكراء شهريا باستمرار ومن غير تأخير؛ هذا يخضع لتحقيق أسباب الإفراغ المنصوص عليها في القانون المنظم للكراء رقم (67/12) (المادة 45)؛ منها:
- الاحتياج للسكن الشخصي للمالك أو لزوجه، أو لأحد أصوله أو فروعه، أو ليتيم تكفل به.
- ضرورة هدم المحل والرغبة في إعادة بنائه من طرف المالك، أو إحداث إصلاحات ضرورية عليه تستوجب الإفراغ.
- إحداث تغييرات جذرية من طرف المكتري في المحل دون موافقة المالك.
- التماطل في الأداء ولا يكفي هنا مجرد التأخير كما في السؤال.
وهنا لا بد من التنبيه على أن هناك فرقا بين التأخير والتماطل قانونيا في هذه المسألة بالذات؛ فالتأخير في أداء الكراء لا يعتبر تماطلا مسوغا للإفراغ ولو تأخر الأداء لسنوات؛ إلا إذا تم توجيه الإنذار من طرف المالك للمكتري عن طريق المفوض القضائي، ولم يستجب المكتري داخل الأجل المحدد قانونيا في (15 يوما)؛ فالتأخير هنا أعم من التماطل، ولكن التماطل أهم بالنسبة للمالك؛ لأنه يفيده في تحقيق الإفراغ.
كما يوجد الفرق بينهما أيضا في اللغة؛ فالتماطل يستعمل غالبا في الديون، والتأخير يستعمل غالبا على العموم؛ نقول مثلا: تأخر في السفر وفي أداء الصلاة وفي أداء الديون؛ بينما نقول تماطل في أداء الديون، ولا نقول تماطل في السفر وفي أداء الصلاة إلا مجازا؛ فالتأخير أعم لغة أيضا؛ فكل تماطل تأخير وليس كل تأخير تماطلا؛ بينهما عموم وخصوص بإطلاق كما يقول المناطقة.
المسألة الثانية: ما يأخذ المكتري من صاحب المحل عند المغادرة مما يسمى (التعويض)؛ هذا له أربع حالات: حلال في الثلاثة، وحرام في الرابعة:
1) إذا كان ذلك شرطا في العقد من البداية وبُين فيه تحديد قيمة التعويض بعد الخروج جاز؛ لأن الناس عند شروطهم والعقد شريعة المتعاقدين، وهذه الحالة لا يقوم بها أحد وليست موجودة في الواقع؛ فمن هذا المغفل الذي يقيد نفسه بالتعويض من غير سبب؟
2) إذا كان محلَّ تجارة أحدث فيه المكتري ما يسمى بالأصل التجاري (الزبائن والرواج)، بشرط أن يستغله سنتين على الأقل؛ فمن حقه أن يطلب ثمن هذا الأصل التجاري قبل الخروج من المحل كما جرى به العمل اليوم في قانون الكراء؛ جاء في (الماة 4) من القانون التجاري (49\16): "يستفيد المكتري من تجديد العقد متى أثبت انتفاعه بالمحل بصفة مستمرة لمدة سنتين على الأقل".
3) إذا كان قد اشترى الأصل التجاري بما يسمى "بيع الساروت" من المكري أو من غيره (مكتر سابق) فمن حقه أن يبيع ما اشتراه بسعر الوقت قبل الخروج من غير اشتراط مدة السنتين؛ كما جرى به العمل اليوم في قانون الكراء؛ جاء في تتمة نفس المادة السابقة: "يعفى المكتري من شرط المدة إذا كان قد قدم مبلغا ماليا مقابل الحق في الكراء، ويجب توثيق المبلغ المالي المدفوع كتابة في عقد الكراء أو في عقد منفصل"
4) إذا لم يكن شرطا ولا أصلا تجاريا لا بالإحداث ولا بالشراء؛ فلا يجوز أخذ تعويض بحال من الأحوال؛ لأنه تعويض من غير مقابل ظلما وعدوانا ومن أكل أموال الناس بالباطل.
والله أعلم وهو سبحانه الموفق للصواب

عبد الله بنطاهر
مسجد الإمام البخاري مدينة أكادير
15 جمادى الأولى 1441هـ 11 / 1 / 2020.

التعليقات